نظمت "​جمعية غدي​" جولة ميدانية اليوم في أحراج المتن الأعلى وعاليه لرصد وتوثيق ما خلفته ​النفايات​ من أضرار بعد الأمطار والسيول الغزيرة. في خطوة ستشمل لاحقا معظم المناطق اللبنانية، وإعداد دراسة موثقة بالصور لتحديد المناطق الأكثر تأثرا بكارثة النفايات، خصوصا على مستوى الأنهر ومصادر المياه الجوفية ووضعها بتصرف الوزارات المعنية.

وشارك في الجولة أعضاء وناشطو الجمعية وعدد من المهتمين والمتابعين، شملت مناطق عدة في منطقة عاليه ومنطقة "وادي لامرتين" في المتن الأعلى، فضلا عن الأحراج في منطقة المتن الشمالي.

وحذر رئيس الجمعية فادي غانم خلال الجولة من "اننا أمام كارثة بيئية وصحية، ليس ثمة من يستطيع تقدير نتائجها وستترتب عليها نتائج وتداعيات خطيرة"، وقال: "وقع ما كنا حذرنا منه مع بداية الأزمة قبل ثلاثة أشهر، فالأمطار والسيول جرفت معها أطنانا من النفايات وفاضت ميار الأنهر الشتوية، حاملة ما تراكم من نفايات وبقايا ما حرق منها إلى بيروت والمناطق الساحلية، واختلطت مياه الأمطار مع عصارة النفايات ولوثت مياه الينابيع الجوفية".

ولفت إلى أن "ما وثقناه اليوم بالصور، أكد لنا أن القرى والمدن باتت مرتعا للبكتيريا والجراثيم والقوارض. نحن لا نقدم صورة قاتمة إلا لنحذر من أننا حيال كارثة لم يعرف لبنان مثيلا لها حتى خلال الحرب الأهلية، كما لا يمكن اختصار الأضرار المتوقعة بما ذكرنا آنفا، فالأمطار ستجلب معها المياة الأسيدية وسط دخان المطامر العشوائية وستختزنها التربة، بما تحمل من مواد خطرة ومسرطنة، بحيث أن ثمة نتائج مباشرة ستتجلى في أمراض آنية جرثومية وغير مباشرة في أمراض لن تظهر في المدى القريب، وسنكون أمام أمراض كثيرة حتى أن بعض الأطباء والخبراء حذروا من عودة مرض الطاعون، دون إسقاط الاحتمالات الأسوأ مع أمراض ستلاحق اللبنانيين لسنوات، خصوصا تلك الناجمة عن التلوث الكيميائي مع الأمطار الأسيدية (الحمضية) وما لها من تأثيرات مدمرة على النباتات والحيوانات المائية وحلقات من السلسة الغذائية البرية".

واوضح أن "مكبات النفايات العشوائية في بيروت والمناطق تمثل بيئة حاضنة للأوبئة والبكتيريا والفطريات، فضلا عن خطر الغازات المنبعثة التي متى اتحدت مع الاوكسيجين والرطوبة تتحول إلى أسيد في الجو نتنشقه، فالأمطار محملة بكميات من الأسيد الخطر على البيئة وصحة المواطنين وهي أمطار سامة، ستتفاقم الأمراض خصوصا بالنسبة لمن يعانون من الحساسية وأمراض رئوية، وثمة مخاوف من أن ينقل الذباب والبعوض بكتيريا النفايات المتحللة مع المياه، مما يساهم في انتشار التفوئيد والسلمونيلا الخطرة على الصحة لا سيما لدى الاطفال وغيرها من الأمراض الجرثومية".

وأسف "لان أي جهة رسمية لم تبادر الى محاكاة الواقع بحد أدنى من التدابير والإجراءات الضرورية، في ما عدا تعميم من وزارة الأشغال العامة يطلب من البلديات تنظيف شبكات الأقنية، وهذا تدبير مهم ليحول دون أن تفيض المياه على الطرقات في الظروف العادية، وليس في ظروف استثنائية كالتي نعيش. لكن هل تحضرت سائر الوزارات المعنية بما يكفي من إجراءات لاحتواء ما أمكن من أضرار؟".

وتساءل: "ماذا سيكون موقف لبنان الرسمي وهو الموقع على اتفاقية برشلونة لحماية البحر الأبيض المتوسط عندما تقذف الأنهر النفايات إلى البحر؟"، مؤكدا ان "المشكلة الأكثر خطورة من النفايات تبقى متمثلة بغياب الدولة والحكومة. فمع أزمة النفايات لم نر تدابير بحجم الكارثة. وفي ما كانت النفايات تملأ الشوارع في الأيام الأولى للأزمة، أمضينا أسابيع ننتظر فض عروض النفايات التي شكلت فضيحة مدوية وقتذاك وتم إلغاؤها وخسرنا فترة زمنية كان يمكن استغلالها في معالجة النفايات عبر خطة طوارئ. وما أثار الريبة في تلك الفترة أن بعض الوزراء والنواب روجوا للمحارق الحديثة، واشتم منها أن ثمة صفقة ومحاصصة وتوزيع مغانم التلزيم على الممسكين بمقاليد السلطة وأتباعهم".

وشدد على انه "وسط ما هو قائم وما هو قادم مع بداية موسم الأمطار، على الحكومة إعلان خطة طوارئ صحية، بعدما عجزت عن تبني إعلان خطة طوارئ بيئية، وكل الخوف ألا يتحرك المعنيون وألا يرتقي اهتمامهم إلى حجم الكارثة المقبلة".